تزاوج البشر مع الحيوانات، ما بين الأساطير و الحقائق العلمية و تحريم الأديان‏ 3

هل يمكن للبهيمية أن تؤدي إلى ولادة مخلوقات هجينة ؟
بعد أن عرفنا أن الجنس بين الإنسان و الحيوان ممكن و مارسه الإنسان منذ الأزل ، ربما  يتبادر إلى أذهان الكثيرين منا سؤال محير عن إمكانية أن تكون المخلوقات الخرافية الهجينة التي ذكرتها الأساطير القديمة حقيقية و إحتمال أن يكون لها وجود في العصور القديمة ؟ فهل يمكن للعلاقة الجنسية بين الإنسان و الحيوان أن تؤدي إلى ولادة مخلوق هجين يحمل صفات أبويه معا ؟ و للإجابة على هذا السؤال نحن بحاجة أولا إلى معرفة معنى الهجين و كيفية توالد الهجن بين الفصائل الحيوانية المختلفة.

بصورة عامة يمكن تعريف الهجين على أنه الذرية الناتجة عن تزاوج الحيوانات أو النباتات التي تنتمي إلى أصناف أو سلالات مختلفة ضمن التصنيف العام للكائنات الحية ، وهذا التزاوج المختلط يمكن أن يحدث عفويا في الطبيعة كما يمكن أن يكون من تدبير الإنسان لغرض انتخاب و تأصيل صفات أفضل في الحيوانات أو النباتات التي يقوم بتهجينها.

بصفة عامة يمكن إنتاج مخلوقات هجينة في نطاق الحالات التالية :

ـ ممكن أن يحدث بين سلالتين مختلفتين كما في حالة تزاوج النمر السيبيري مع النمر البنغالي.
ـ يمكن أن يحدث نتيجة تزاوج نوعين مختلفين ضمن الجنس الواحد مثال على ذلك تزاوج النمر مع الأسد.
ـ يمكن أن يحدث ، في حالات نادرة ، بين جنسين مختلفين مثال على ذلك الخروف و الماعز (غالبا ما يولد ميتا).
ـ يمكن أن يحدث ، لكن بصورة نادرة جدا ، نتيجة التزاوج بين عائلتين مختلفتين.

و باستثناء الحالات أعلاه فإنه من غير المعروف أبدا و ربما من المستحيل ولادة هجين في الظروف الطبيعية ينتمي إلى رتبتين مختلفتين ، أو إلى تصنيف أعلى من الرتبة ، و عليه فمن المستحيل مثلا ولادة مخلوق هجين نتيجة للعلاقة الجنسية بين الإنسان و الكلب لأنهما ينتميان إلى رتبتين مختلفتين و كذلك لإختلاف عدد الكروموسومات (الصبغة الجينية) التي يحملها كل منهما ، فالإنسان لديه 46 كروموسوما في حين إن الكلب لديه 78 كروموسوم.

تزاوج البشر مع الحيوانات، ما بين الأساطير و الحقائق العلمية و تحريم الأديان‏
تزاوج البشر مع الحيوانات، ما بين الأساطير و الحقائق العلمية و تحريم الأديان‏
لكن إذا كان الأمر له علاقة بالكروموسومات فهل يمكن إنتاج هجين، في الظروف الطبيعية، بين الإنسان الذي يملك 46 كروموسوما في خلاياه و بين الأرنب 44 أو الفأر 42 ، و الجواب هو كلا بالطبع لأنهم ينتمون إلى رتب مختلفة ، لكن يمكن توليد هجين من تزاوج الحمار 62 مع الحصان 64 ، لأنهما من نفس الجنس و الرتبة ، و المولود سيكون بغلا و يمتلك 63 كروموسوما و لذلك سيكون عقيما.

هناك حالة واحدة فقط يفترض نظريا أنها يمكن أن تؤدي إلى الحصول على مخلوق هجين في الظروف الطبيعية ، و هذه الحالة هي تزاوج الإنسان مع الشمبانزي ، فكليهما ينتميان إلى عائلة القردة الكبار و هما متقاربان من حيث عدد الكروموسومات و يمتلكان نفس الخريطة الوراثية ، و هناك العديد من القصص عبر التاريخ تتحدث عن ولادة هكذا هجين ، فمثلا ذكر أحد مؤرخي القرن الحادي عشر في أوربا قصة عن أحد النبلاء الذي إرتبط بعلاقة جنسية مع قردة كانت لديه و إن هذه القردة أصابتها غيرة شديدة عندما رأته في أحد الأيام نائما في أحضان زوجته فقامت بقتله، و زعم المؤرخ الأوربي بأن القردة أنجبت فيما بعد مخلوقا هجينا و أنه رآه بنفسه. طبعا لا يوجد أي دليل يوثق صحة هذه الرواية و لكننا ذكرناها كمثال على إيمان الناس في العصور الوسطى بإمكانية ممارسة الجنس مع القردة و الإنجاب من هذه العلاقة ، فعلماء الحيوان العرب في العصور الوسطى حذروا النساء في كتبهم من كشف أجسادهن أو عوراتهن أمام ذكور القردة لأنها بزعمهم تشتهي نساء البشر جنسيا.

في العصر الحديث ، خاصة في مطلع القرن المنصرم ، قام عدد من العلماء السوفيت و الأوربيين بمحاولة تخصيب إناث الشمبانزي بالسائل المنوي البشري كما حاولوا تخصيب بعض النساء المتطوعات بالسائل المنوي للشمبانزي ، لكن في كلتا الحالتين كان الفشل حليفهما و لم تحدث أي حالة حمل.

هناك حالة واحدة في العالم لشمبانزي إسمه اوليفر يشك العلماء في كونه هجينا بسبب شكله الغريب و سلوكه و طريقة مشيه الشبيهة بالإنسان لكن الفحص المختبري على حمضه النووي عام 1990 أثبت أنه شمبانزي عادي ، و مع ذلك لازال هناك الكثير من الجدل و اللغط حوله إذ ان البعض يشكك في مصداقية نتائج فحص الحمض النووي و مازال العديد من الناس يؤمنون بأنه هجين حقيقي بين الإنسان و الشمبانزي.
شمبانزي عادي --- الشمبانزي اوليفر
إن الحكمة في إختلاف عدد الكروموسومات بين الكائنات الحية هي لعدم تداخل الأجناس فيما بينها ، لذلك فإن المواليد الهجينة بين الأجناس و الأنواع المختلفة تكون نادرة الولادة و غالبا ما تكون عقيمة. كما إن تقارب عدد كروسومات الفأر و الأرنب و القرد مع الإنسان جعلها الأكثر استعمالا في المختبرات الطبية لأجراء التجارب عليها و ذلك لأنها الأقرب إليه جينيا ، لكن العلماء اليوم يفكرون في إنتاج هجين تحت ظروف المختبر يمكن أن يستخدموه في تجاربهم لأحداث ثورة في عالم الطب و الصحة.

الباراهيومن .. علم ما وراء الإنسان
منذ عدة عقود و العلماء يقومون بتجارب جينية لغرض توليد حيوانات هجينة تحمل بعض صفات و خصائص الإنسان و ذلك من أجل الإستفادة منها في أبحاثهم العلمية و الطبية ، فمثلا عن طريق إنتاج هجائن حيوانية تمتلك قلب أو رئة أو كلية بشرية سيتم إنقاذ ملايين الأرواح التي تزهق سنويا حول العالم  بسبب عدم توفر أعضاء بديلة ، كما إن وجود مثل هذه الهجائن سيساعد العلماء في التعمق في دراسة و معرفة الوظائف المختلفة لأعضاء جسم الإنسان و بالتالي سيمكنهم من إنتاج عقارات لمعالجة الكثير من الإمراض المستعصية ، فمثلا يمكن تطوير و دفع الأبحاث الرامية لعلاج مرض الإيدز عن طريق توليد فئران تملك جهاز مناعة شبيه بجهاز مناعة الإنسان. و على نفس المنوال يمكن إيجاد علاج لأمراض مثل السكري وداء الشلل الرعاش والزهايمر.

رغم كل الأهداف النبيلة سالفة الذكر فإن أبحاث العلماء في مجال ما وراء الإنسان تواجه معارضة شديدة من قبل رجال الدين و السياسيين و حتى من قبل بعض العلماء و الأكاديميين ، فهناك العديد من الأسئلة الأخلاقية التي تثور حول هذا الموضوع الذي يرى فيه الكثيرون امتهانا للكرامة البشرية ، فمثلا ماذا سيكون مصير المخلوقات الهجينة في حال تم توليدها فعلا و كيف سيتم التعامل معها ؟ و هل ستعامل كبشر أو حيوان أم ستصنف ضمن نوع جديد ؟ هل تمنح حق الإنجاب و التكاثر و هل ستتفهم الأسباب التي دفعت البشر إلى تركيبها بهذا الشكل المشوه ؟ و كيف سيتصرف الإنسان إذا خرجت هذه المخلوقات الهجينة عن سيطرته ؟
تزاوج البشر مع الحيوانات
مجسم تخيلي للباراهيومن
بل إن الجدل حول هذا الموضوع لا يطال فقط إنتاج و توليد مخلوقات هجينة كاملة و لكنه يمتد ليشمل أيضا طلب العلماء بالسماح لهم بخلق أجنة مهجنة في المختبرات لأغراض البحث ، فمثلا تقدم علماء بجامعتي (نيوكاسل) و(كنجز كوليج) ببريطانيا عام 2006 بطلب تصريح مدته ثلاث سنوات لتخليق أجنة حيوانية ء إنسانية، على أن تستخدم الأجنة في أبحاث خلايا المنشأ (الجذعية)، ولن يسمح بنموها لأكثر من 14 يوما، أي لن يتجاوز حجمها رأس القلم، والهدف إستخراج خلايا جذعية من الجنين المخلق البالغ من العمر ستة أيام ثم تدميرها. وخلايا المنشأ هي الخلايا غير الناضجة القادرة على التحول إلى أي نوع من الأنسجة في الجسم، والتي يأمل العلماء في إستخدامها لتصنيع أعضاء بشرية وعلاج بعض الأمراض. و قد جوبه هذا الطلب بمعارضة قوية من مختلف شرائح الرأي العام فاضطرت الحكومة إلى رفضه لكنها عادت و سمحت به عام 2007 خوفا من أن يؤدي الحظر إلى تأخر بريطانيا في هذا المجال البحثي المستقبلي مقارنة بدول مثل الصين و كندا.

رغم إصرار المؤسسات العلمية المختصة في مجال الوراثة و البحوث الجينية على أن بحوثها تقتصر على مجال الأجنة المهجنة فقط إلا أن الكثيرين حول العالم ينظرون بعين الشك إلى هذه الادعاأت ، فمن يعلم ماذا تفعل الدول المتقدمة من تجارب لا أخلاقية في مختبراتها السرية ، و من يعلم ماذا سيحدث في المستقبل و إلى متى سيتمكن العلماء من ضبط فضولهم اللامتناهي في سبر أغوار هذا المجال العلمي الخطير ، و ربما سيأتي يوم تعيش فيه المخلوقات الهجينة معنا على الأرض و تصبح واقعا لا مناص من التعامل معه فلا يصبح عجيبا أن يخرج الإنسان من منزله صباحا ليلقي التحية على جارته التي تمتلك ضرع بقرة و ترعى العشب في الحديقة أو على جاره الذي يمتلك جناحا طائر ينتقل بهما إلى مقر عمله بعيدا عن زحمة السير و المواصلات!!

بارانورمال

 إقرأ أيضا:

 التفسير العلمي لشروق الشمس من المغرب وتوقف الارض عن الدوران 

هل تحيض أنثى الحيوانات مثل أنثى البشر !

الرسالة الخفية والخطيرة وراء سلسلة توم وجيري

"بيبي" الدمية المسكونة بروح شريرة

هناك تعليقان (2):

  1. القران ذكر الدابة التي تخرج من الارض تكلم الناس كذلك صفات الدجال المهولة هذا ما ستؤدي اليه الابحاث صدق الله العظيم وصدق رسوله

    ردحذف
  2. صدق الله العظيم حيث اخبرنا في كتابه العزيز عن دابة تخرج في اخر الزمان تكلم الناس وصدق رسوله حين تحدث عن الدجال صاحب القدرات الخارقة حتى انه يدعي الالوهية ويتبعه خلق كثير واكيد هم ملحدي اخر الزمن الذين يمجدون العلم

    ردحذف

بارانورمال تصميم عالم التقنية الجزائرية © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.